الأبعاد الحضارية للثقافة المغربية
الأبعاد الحضارية للثقافة المغربية: للحضارة المغربية أبعاد مختلفة. فهي تتكون من التراث الأمازيغية بمختلف عناصره وتلاوينه. والثقافة العربية الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، للتراث المغربي بعد إفريقي غني ومتنوع.
كما أتاح ارتباط المغرب بإسبانيا والبرتغالي عبر مضيق جبل طارق تأثيرا متبادلا نلمسه في فنون العمارة والموسيقى على الخصوص.
البعد الأمازيغي للحضارة المغربية.
يرى بعض المؤرخين أن الحضارة الأمازيغية من أقدم الحضارات في شمال إفريقيا. وهي تشمل مجالا جغرافيا كبيرا. يمتد من “واحة سيوة المصرية” إلى شواطئ المحيط الأطلسي، ومن البحر المتوسط شمالا وحتى الصحراء الكبرى في وسط أفريقيا، هذه المنطقة، التي يعتبرها المؤرخون مجالا لامتداد الحضارة الأمازيغية، كان يطلق عليها الإغريق قديمًا “نوميديا”.
يبرز البعد الأمازيغي في الحضارة المغربية في طبائعنا وتصرفاتنا ونظرتنا الخاصة إلى الحياة، كما نلمسه في صيغ الألفاظ والجمل التي نستعملها في حياتنا اليومية، ونتبينه في معالم البناء وفنون العمارة والغناء والموسيقى والرقص، وفي اللباس والطعام.
الرقص.
يزخرالمغرب صح.بالرقصات الفلكلورية الشعبية الأمازيغية، وقد ارتبطت أيما ارتباط بالأشعار والألحان، وكان يشارك فيها الرجل إلى جانب المرأة، بطريقة فردية أو ثنائية أو جماعية. وتقترن بالأعياد والحفلات والأعراس ومواسم الفلاحة والسمر، وبفترات المقاومة والنضال العسكري ضد الأعداء الغزاة.
رقصة إمذيازان
ظهرت رقصة ” إمذيازان” ويسمى الذي يمارس هذا النوع من الرقص ” أمْذْيَازْ“(الفنان)، بينما المرأة تسمى “ثَامْذْيَازْتْ“(الفنانة). ويعني هذا المصطلح الفنان الشاعر، . ويستعمل إمذيازان الدف والغيطة والمزمار” الزمار“، والناي” ثامجا” في تقديم رقصاتهم الإيقاعية التي تؤديها جماعة من الراقصين والراقصات في شكل تناوبي، فينقسمون إلى فرقتين ، فيتم تشكيل عدة أشكال هندسية مدا وجزرا عن طريق التقابل والتماثل والاستواء والدوران مع ضرب الأرض ضربات معدودة انسجاما مع نغمات الأشعار وطلقات البارود. وغالبا، مايقود هؤلاء الراقصين والراقصات شيخ له تجربة ودربة كبيرة في مجال الرقص والغناء.
رقصــــة أحــــواش
رقصــــة أحــــواش رقصة جماعية رائعة يشارك فيها عدد كبير من الراقصين والراقصات. ولا تبدأ هذه الرقصة الفلكلورية إلا بعد إلقاء بعض الأبيات الشعرية ( أمارگ) من قبل شاعر الفرقة أو من مجموعة من الشعراء بشكل متناوب، وانطلاق زغاريد النساء لتعقبها رقصة أحواش. كأن هذه المراحل بداية لتسخين جو الحفل، واستشعار لأجواء الرقص والحركات الكوليغرافية التي تهتز فيها الأكتاف والرؤوس والأجساد . ومن المعروف أيضا أن رقصة أحواش من أهم المصادر الرئيسة لشعر الروايس بمنطقة سوس؛ لأن راقصي أحواش ينشدون أشعارا متناغمة مع حركات الأجساد التي تنساق مدا وجزرا أمام المايسترو الذي يراقب حركاتهم الجسدية ، ويأخذ في يديه الدف أو ” قرقابة” الدقة المراكشية أو گناوة لتنشيط الحفل وتفعيله وجدانيا وروحانيا وحركيا .
رقصة تاسكيوين
تبدأ هذه الرقصة مع منتصف الليل فما فوق بساحة خاصة، يوقد الراقصون النار في إحدى زواياها لتسخين آلاتهم والاستضاءة بنورها، ويعلقون مصابيح الغاز في الجنبات والقمر يزداد بهاء حينما يختلس الإطلالة بين الفينة والأخرى من خلال السحب ليلمح دائرة الرقص التي يتكون نصفها الأول من الرجال، ونصفها الثاني من النساء، وقطرها يكونه (رايس) ومعاونوه ببناديرهم وشباباتهم، يحيط بتلك الدائرة جمهور غفير من الرجال والنساء والفتيات.
في منتصف السهرة يخرج راقص أعزب، راغب في الزواج، أو راقصان فأكثر ينسلون من خلف الرجال بالخطى الراقصة تجاه صف الفتيات، فإذا بلغوا خلف البالغات سن الزواج يزدادون خفة وطربا، حتى تنبري لهم فتيات تندس كل واحدة بين اثنين فيراقصوهن جنبا إلى جنب، وقد ينفرد كل واحد بالتي على يمينه يحاكي حركاتها المتناسقة، وتحاكي حركاته المعبرة، فيميلان يمنة ويسرة، أماما وخلفا، والإيقاع الموسيقي يزداد حدة، وينفجر المتفرجون بصيحات وهتافات، وكأنهم يباركون مسبقا ما ستسفر عنه تلك البوادر الأولى، وتنطلق الزغاريد، وترمى الورود، وتذر حبات الملح على الراقصين والراقصات.
البعد الإسلامي للحضارة المغربية.
كان للحضارة العربية الإسلامية تأثيرا كبيرا على الحضارة المغربية، خاصة في مجال فن المعمار أو العمارة. ففن العمارة المغربي من أبرز فنون العمارة الإسلامية العريقة وأكثرها شهرة.
فمنذ مئات السنين وإلى عصرنا الحالي لا تزال معالم العمارة المغربية خالدة عبر العديد من البنايات، والمعالم التاريخية التي تحكي قوة التاريخ والحضارة. وترصد شموخ اللون وغزارة الإبداع.
شمل التأثير الإسلامي مختلف أنواع العمارة المغربية. كبناء الأسوار والحصون والأبراج والقلاع والمساجد والزوايا والأضرحة والقباب والقصور والمساكن والمصانع. وغرس البساتين، وتصميم الأسقف والنحت على أطرافها.
ولعب الحرفيون والصناع التقليديون دورا كبيرا في الحفاظ على هذا الموروث الحضاري والإنساني الغني. الذي وفر للعالم مناخا من الخبرات والذوق والتي جعلت من هذه العمارة استثنائية.
ومن سمات الإبداع في العمارة المغربية، تنوع الزخرفة المستقاة من الطبيعة والزخرفة الكتابية. مثل الكتابة بالخط الكوفي على شكل شريط يحيط بالعمارة.
البعد الأندلسي للحضارة المغربية.
شهدت حضارة الأندلس ازدهارًا مبهرًا في العديد من الحرف، مثل الزراعة والبستنة والصباغة، كما عرفت ساكنتها تطورا كبيرا في الملبس و الطبخ و الموسيقى. وقد نقلوا بعضها خلال هجرتهم إلى المدن المغربية التي عمروها في تلك الفترة.
فقد أدخل الأندلسيون إلى المغرب حرفة الصباغة، حيث كانوا يجيدون صناعة سوائل الألوان المختلفة، بخلط مجموعة من العناصر الطبيعية كالنباتات وأوراق الأشجار المناسبة، مثلما كانوا يتقنون صباغة الجدران والأسقف وكذا الملابس والقطن والحرير.
كما تأثر المغاربة بالإنشادات الصوفية والمنظومات المنثورة، وفن الملحون، والموسيقى الأندلسية، بالإضافة إلى الطرب الغرناطي.
وكان أجمل ما أبدعت هذه الحضارة هو تشكيل الحدائق المزهرة والجنان الخضراء والبساتين المشجرة، بحس جمالي جذاب.